fbpxالثورة الصناعية الرابعة ومستقبل التعليم الجامعي | Amman Arab University

الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل التعليم الجامعي

الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل التعليم الجامعي
بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية


لقد أشار العديد من المهتمين والكُتاب بأننا نعيش بعصر الثورة الصناعية الرابعة والمرتبطة بالتقنيات الابتكارية الجديدة والتي أشغلت فكر أصحاب القرار في كافة القطاعات الأقتصادية لأهميتها في تطوير الشركات في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، مما دفع أصحاب القرار إلى البحث عن كوادر مؤهلة بتلك التقنيات لأستقطابها ومنها الذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل،والربوتيات، والواقع الافتراضي، والحوسبة الكمية، والبيانات الضخمة، وتكنولوجيا النانو، وانترنت الاشياء، والتقنيات ثلاثية الابعاد، والأمن السيبراني... وغيرها والتي أصبحت معروفة لدى المختصين والأكاديمين في هذه المجالات وبنفس الوقت أدركت كافة القطاعات بإن تلك التقنيات هي المفتاح لمستقبل صناعاتها وخدماتها، وبالتالي نجد هناك أهتمام كبير بهذه التقنيات والتي أصبحت محط تفكير وأهتمام الطلبة الراغبين بالدراسة الجامعية على أعتبار أن هذه التخصصات هي تخصصات نادرة  في سوق العمل في ظل ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة والتي أفرزها الاقتصاد المعرفي.  


وبالمقابل وكما يعلم الجميع بإن الجامعات هي المصانع الحقيقية للكفاءات لسد احتياجات سوق العمل وذلك بحكم العلاقة التكاملية فيما بينهما، بمعنى أن سوق العمل هو الحدد الفعلي لمدخلات ومخرجات الجامعات، والتخصصات أو البرامج الأكاديمية المطلوبة لسد احتياجات سوق العمل. وفي ظل هذه المعادلة نجد بإن مستقبل سوق العمل أصبح يفرض نفسه على القرار الأكاديمي في الجامعات استعداداً لتوجيه بوصلتها نحو البرامج الأكاديمية الابتكارية ذات التقنيات الجديدة مع الحرص بالابتعاد عن البرامج التقليدية والمعروفة للجميع بمشاكلها من حيث غياب فرص توظيف خريجها.


وفي هذا قد لاحظنا في الأونة الأخيرة ظاهرة تسابق الجامعات نحو استحداث برامج جديدة تصب في هذا التوجه الجديد لتحافظ الجامعات على دورها الريادي في تحقيق التكامل مع سوق العمل بقطاعاته المختلفة، ولكن المتابعين للشأن الأكاديمي الجامعي يرون بإن عملية الاستحداث للبرامج الأكاديمية  الجديدة ما زالت بحاجة إلى ضوابط محكمة لتفادي أعداد الخريجين الضخم والمتوقع بعد فترة من الزمن القريب والذي قد يزيد عن حاجة قطاعات سوق العمل مما يعيدنا لنفس المربع. 


ولو دققنا النظر معاً بفرص العمل المتاحة في سوق العمل محلياً وأقليمياً لهذه التخصصات لنجد هناك ضعف واضح بسبب أن الشركات أو المؤسسات  في القطاعات الأقتصادية المختلفة لم تعمل على تغيير مسميات ووصف الوظائف لديها بما يتوافق مع هذه التخصصات الجديدة بإعتبارها وظائف المستقبل للخريجين ، وبنفس الوقت لم يتم الأخذ بعين الأعتبار التقسيم الجديد للوظائف ما بين البشر والتكنولوجيا والخورزميات مما جعل عملية التوظيف من القضايا العالقة والمزعجة لأصحاب القرار في مختلف القطاعات الأقتصادية وهذا بالمحصلة سيجعل الجامعات في حيرة من أمرها وإكتشافها للفجوة ما بينها وبين سوق العمل بقطاعاته من ناحية وفرص العمل للطلبة الخريجين لتلك التخصصات الجديدة ذات التقنيات الجديدة.


أن هذه الأفاق المستقبلية للجامعات وبرامجها الأكاديمية الجديدة ذات التقنيات الابتكارية في ظل محدودية فرص التوظيف على الرغم من قناعتنا والكثير بأهمية هذه التخصصات في عصر المعرفة ودورها المستقبلي في مختلف مفاصل حياتنا الشخصية والمهنية والمؤسسية ولكننا نأمل من التعامل معها بأفق وبُعد نظر لضمان مستقبل الاجيال القادمة وظيفياً  وبعيداً عن التحديات المحبطة والتي يتوقعها البعض في المستقبل القريب لا سمح الله.